تتوقف عجلة البيع والإنتاج في الشركات بوضع طبيعي عادة أو غير طبيعي احيانا. فبعض المنتجات يمكن أن تكون موسمية الشهرة او الاستخدام مثلا. او ان الشركة تعاني من مشكلة معينة وجهت أنظار المستهلكين عنها.  هذا الأمر الذي جعل أصحاب الأعمال يبحثون عن طرق لمحاولة التخلص من البضائع المكدسة في مخازنهم او محاولة الترويج للخدمات التي يقدموها. فكان هناك علم جديد في الكامل تحت مظلة الأعمال الضخمة وسمي بالتسويق. التسويق والمبيعات والإعلان والعلامات التجارية. كلها، قد ساهمت ولازالت تساهم في رفع أسهم بعض الشركات وبالطبع زيادة حركة العجلة الاقتصادية ورفع القوة الشرائية في الدولة.

وهذا بالطبع أمرٌ يؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة التي تتواجد بها هذه الشركات. لذلك، أقدمت بعض دول وخصوصا تلك التي تتنازع باستمرار على الهيمنة الاقتصادية عالمياً مثل الولايات المتحدة الامريكية، المانيا، اليابان وبالطبع الصين وغيرهم من الدول والتي هي بالطبع تعتبر الرائدة في عصرنا في مجال التجارة والتصنيع، على وضع قوانين تسيطر بشكل مباشر على نوعية الاعلانات التي تقوم بها الشركات والأفراد على حد سواء للحد من عمليات النصب والاحتيال وحماية المستهلكين (المواطنين) من خوض تجارب سيئة على حسابهم الشخصي ليتمتع اصحاب رؤوس الاموال بالراحة اتجاه تلك البضائع والخدمات.

وعلى رأس تلك الدول. اليابان. ذلك البلد الذي انفجر بعد أن لاقى ضربات لا تعد ولا تحصى عبر الزمن وأهمها القنابل النووية والذرية التي انفجرت في ناغازاكي وهيروشيما. والجدير بالذكر ان تلك الدولة استطاعت أن تعيد من بناء نفسها ومجدها واقتصادها مجددا بوقت قصير لا بل ان تدخل المنافسة الحادة وتصبح من بين ثلاثة اكبر دول مُصنع من بعد ألمانيا في المرتبة الاولى انذاك والتي تلي اليابان الولايات المتحدة الأمريكية بعدها.

أما في العصر الحالي الذي نعيشه اليوم. ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعية والمواقع الالكترونية. أصبحت الشركات تتنافس بكثرة على عدد معجبين صفحات الفيسبوك مثلا وقد نسيو المبدأ الاسمى والأساسي وهو الانتاج الحقيقي. اي التقييم الحقيقي على أساس أرباح الشركة، ووضعها العام، انتاجيتها المصنعية، طبيعة الأعمال التي تقوم بها. وهذا الذي جعلك تمر في تجارب سيئة سواء ان اشتريت بضاعة سيئة ولا تشبه الصور المعلنة. او تم تشتيتك بمعادلات التسعير الكاذبة. او لم تكن مطابقة بنسبة ١٠٠% من الشروط فلم تستطيع نيل ما تريد كما تم توضيحه بالاعلان. هذا الأمر. وبالطبع في بلد مثل اليابان بطبيعة الشعب الياباني وثقافتهم المتكافلة والمبنية بالطبع على المساعدة والمشاركة وحب الامتنان للغير وخصوصا فاعل الخير. هو أمر مرفوض كليا. لهذا قامت اليابان بالتعاون مع جهات مختصة عندهم بصياغة قوانين تحمي المواطن من تمثيليات خداعة من هذا النوع وتوفر ما سموه بالتجارة العادلة

صورة لاحد شوارع اوساكا المدينة اليابانية تكتض بالاعلانات - الصورة من قبل 
Food photo created by mrsiraphol - www.freepik.com

تجارة العادلة

Japan Fair Trade Commission  

سلطة تجارة وهي سلطة ممنوحة ببراءة من الحكومة اليابانية، أسست عام ١٩٤٩ في طوكيو اليابان. هدفها ان تكون مسؤولة عن تنظيم وضبط المنافسة الاقتصادية وتنفيذ قانون مكافحة الاحتكار. هذا وقد كانت الجهة التي لها اليد العظمى في نص قانون الحماية التي تم التنويه عنه سابقا.

التالي: هي مجموعة من أهم تلك القوانين التي يمكن ان تبدو لك غريبة بعض الشيء ولكنها بالطبع منطقية لك. سواء كنت منافسا في السوق التجاري او مستهلكا عاديا قد تم سلب مالك بالخداع.

#١ قانون الاحتكار

وهو مجموعة من القوانين الموزعة على شكل مجموعة من المقالات والقواعد الارشادية موضوعة لحماية المستهلكين من أساليب المبيعات غير العادلة للاحتكارات أو احتكار القلة. والتي تنص ايضا على مجموعة من الانشطة التجارية التي تنتهك ذاك القانون. وهي:

١ اغراق السوق او الاغراق التجاري او سياسة الاغراق

كلها اسماء تشير الى ذلك النشاط التجاري الذي تقوم به المصانع الشركات عند تسعير منتج سواء لبيعه في السوق المحلي والسوق العالمي والإقليمي (ما يتم بيعه في سوق البلد المستورد) وبتلك الحالة فقط. يكون سعر السلعة في البلد المستورد اقل من سعرها في السوق المحلي. مما قد يؤثر سلبا على البلد المنتج. اما الحالات الاخرى فيحرم على اليابانيين و جميع المصانع والشركات من وضع اسعار للسلع والخدمات المقدمة من قبلهم بسعر اقل من سعر السوق أو تكلفة الإنتاج.

بالعادة، تقوم الشركات الكبيرة بعملية إغراق السوق لتقوم بدفن المنافسين وخصوصا الشركات الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة. وفي وضع بلادنا. يقوم التاجر الشاطر بهذا النشاط عند بداية عمله ليقوم بالترويج عن نفسه. وكثيرا ما قد تم مؤخرا خصوصا من الأشخاص التي تقوم بتوفير خدمات تصميم الغرافيكس والشعارات والمواقع الالكترونية وادارة صفحات شبكات التواصل الاجتماعي.

٢ الكارتل cartel أو الميثاق أو العقد

وذلك الاسم المشتق من أصلها اللاتيني والتي تعني الاتفاق. والتي تم استخدامها أيضا لبعض تجار المخدرات في المكسيك الذين كانوا يتفقون في تحديد أسعار السوق فيما بينهم بسلطة أبوية من أحد أولئك التجار.

وهنا. تقوم الجهات المتنافسة على وضع اتفاقية صريحة تقوم على تنظيم دقيق يجبر المنتجين والمصنعين من المحافظة على السعر الثابت عند الإنتاج والتصنيع والتسويق.

قد يبدو هذا التصرف من التجار جيدا بعض الشيء لكنه يؤثر بشكل كبير على السوق المحلي بالدرجة الاولى على المنافسين القليلين القدرة. لان السعر يمكن ان يكون مبنيا على أساس المخسر وفي بعض الاحيان يوضع على اساس اخراج احد المنافسين او زمرته من السوق. 

٣ تزوير العطاءات

هناك عدة طرق كثيرة لتزوير العطاءات ولكن أهم عمل يتم الاشارة له عند الحديث عن تزوير العطاء. يكون على اساس الاتفاق الصريح والوعد بأن يقوم بالعطاء جهة واحدة ولكن بالحقيقة يكون هناك عدة جهات وأطراف منافسة يمكن أن تكون أجدر في نيل ذلك العطاء. وهذا النوع من الانشطة الغير اخلاقية هو غير قانوني ويعرف بالتواطؤ

٤ رفض التعامل او الاتفاق

وهو اتفاق بين جهات وشركات متنافسة هدفه الابتعاد عن التعامل والاتفاق مع جهات منافسة اخرى او بيعها بخصومات معينة وذلك للحفاظ على السعر عاليا

٥ تسعير إعادة البيع

وهو نشاط اتفاق بين المصانع والموزعين ويجبر الموزع على بيع منتج المصنع بسعر معين

٦ استخدام الهيمنة و القوة العليا عند المساومة

استخدام الهيمنة والقوة من مكانة معينة وتسبيب الأذى للشركات الاخرى بكل الطرق الممكنة والمتاحة لهذا 

٧ التأخر في الدفع للمتعاقدين باطنيا

وهم الاشخاص والشركات الذين يعتبرون جهات اخرى تتعاقد داخليا مع الشركة او الجهة الاولى والمتعهدة في تنفيذ العطاء. وهنا يمنع ان تقوم الشركة المنفذة في تأخير الدفعات المتفق عليها مع الشركات الاخريات اللاتي يعملن تحت مظلة الاولى في تنفيذ العطاء او المشروع.

٨ الاندماج للتقليل من المنافسة

وهو الامر الذي قد يبدو عاديا جدا لا بل قد تتمنى ان بعض الشركات والعلامات التجارية المعنية تقوم بالدمج. لتقوم بإنتاج منتج معين. ولكن هذا ممنوع ويعتبر غير قانوني او كان بسبب ارادة الهيمنة على السوق 

٩ الأقساط غير المبررة والتمثيلات المضللة

على اليد الأخرى. تم فرض عقوبات صارمة على الشركات التي تقوم بما سيتم شرحها تفصيلا أدناه في ما يتعلق بـ


#٢ قانون الإعلانات

وهي من القوانين التي تم فرضها بشكل أولي في قانون اليابان لتنظيم الإعلانات في اليابان. القانون الذي يقوم بحظر استخدام التعبيرات غير الواقعية في الإعلانات التالية هي امثلة تتمثل في هذا النشاط (الأقساط غير المبررة والتمثيلات المضللة) وهي:

١ التفضيل

وهي طريقة تقوم بها الشركات والمحلات عامليا والأردنية على وجه الخصوص في وصف منتجاتهم وخدماتهم وشركاتهم نفسها على أنها أفضل من يقوم بتصنيع هذه المنتجات او توفير هذه الخدمات وهنا لا يمكنك ان تستخدم اي من الكلمات التالية دون ان يكون لديك دليل احصائي مادي يثبت انك الاكثر شهرة بين صفوف الشعب الياباني يقوم بالتعبير عن منتجك انه الافضل:

أفضل ، اشهر ، احسن ، اسرع ، best وغيرها من الكلمات التي على شاكلتها التي تستخدم التفضيل نحواً

اي حتى لو ان منتجك X هو حقا أفضل منتج في السوق. فلا يجوز ان تعلن ان المنتج X هو الأفضل في السوق ما لم تقم بإدراج وثائق دقيقة احصائية تثبت ذلك.

 

٢ اعلان الاسعار المزدوجة

وهي عن طريق استخدام كل الطرق المضللة او اي من الطرق التالية في الاعلان عن الاسعار فمثلا ان تقوم في وضع السعر القديم السعر الجديد بعد العرض على اساس ان يكون هو سعر العرض ولكنه بالحقيقة السعر الطبيعي ولكن تفعل هذا لجلب الزبائن الجدد. او في حال ان يقوم مصنع بعرض السعر الموصى به مع سعر البيع الطبيعي. 

مثال لاعلان يعتمد التسعير المزدوج في تروج السعر الجديد

٣ التسويق السري او التسويق الخفي

وهي من الطرق المحببة لشركة ابل Apple وأحد الممثلين الساخرين الأردنيين على سبيل المثال. حيث تقوم هذه الطريقة على ان تعلن شركة عن منتج معين دون ان يكون لدى متلقي الاعلان انه قد شاهد اعلانا. كيف يكون هذا؟ عن طريق إظهار المنتج او اسم الشركة في احدى البرامج التلفزيونية او الافلام او ان يقوم شخص مشهور للإعلان عن هذا المنتج عند استخدامه. ولكن يمكن التنوية مسبقا لذلك بحيث يصبح التصرف قانونيا.

صورة لمشهد من فلم fightclub يبين كيف يتم الترويج لمنتج معين خلال الفلم
دكتور هاوس يستخدم ماك بووك

٤ اعلانات دون سابق إنذار "المحلية"

ومحلية هنا تعني ان الاعلان يكون على شكل المنصة التي يتم الإعلان عليها. فيكون الإعلان مثلا بشكل مقالة مكتوبة او فيديو او صور قد تحتوي نفس هوية المكان المعلن عليه دون لفت النظر تفصيلا ان هذه المقالة او الفيديو هم عبارة عن اعلان ولا يوجد لهم علاقة بما تقوم بقرأته او مشاهدته.


ملخص: تعتبر امبراطورية اليابان اليوم ثاني اقوى اقتصاد عالميا بحسب الإحصاءات الاقتصادية الدولية والان اصبح لديك فكرة جيدة عن القوانين والانظمة الصارمة التي ساعدت  اليابان في ان تصل الى هذه المكانة ناهيك عن نوعية الاختراعات وطبيعة الانتاج وجودة التصنيع وغيرها من العوامل الاساسية الاخرى التي يقوم عليها الاقتصاد الياباني

هل ترى أننا بحاجة لهذا النوع من القوانين؟ او هذا النوع من السلطات والهيئات الحكومية التي تقوم بمراقبة السوق وتنسيقه؟

شارك هذه المقالة لتعم المعرفة في هذا الموضوع.